About The Artist نبذة عن الفنان

تيسير بركات

 فنان تشكيلي فلسطيني (مواليد مخيم جباليا – قطاع غزة عام 1959). حصل على بكالوريوس الفنون الجميلة من الإسكندرية عام 1983 – تخصص : التصوير

 عضو في رابطة الفنانيين الفلسطينيين منذ عام 1984

يعتبر الفنان تيسير بركات أحد أهم الفنانين الذين أخرجتهم غزة بمشوار فني امتد على مدار ما يقارب الثلاثين عاماً. ولد في عام 1959 في مخيم جباليا، وهو يقيم في رام الله. وقد حصل على درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة من جامعة حلوان. ومن الصعب بمكان أن نحصر قائمة معارضه، ولكن نذكر من بينها معرض بينالي ساو باولو الدولي عام 1997، ومعرض النمسا عام 2006، ودمشق عام 2010، وبينالي الإسكندرية عام 1989، وروما (1989-1996)، ومتحف الفن الحديث في ستوكهولم عام 1996، ومعرض مقر الأمم المتحدة في نيويورك عام 1997، ومعهد العالم العربي في باريس عام 2000، وبينالي الشارقة عام 2003، ومتحف الفنون المعاصرة في هيوستن بولاية تكساس، ودبي وغيرها الكثير.

وتمكن الفنان بركات بموهبته الفنية التي لا تشوبها شائبة وموهبته الحقيقية من تنفيذ تراكيب مؤثرة، تتشابك لوحاته بواقعه المتمثل في كونه ابن لاجئ وخاضع للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. ولكن برغم هذا الواقع المتجهم، إلا أنه لا يمكن اعتبار لوحاته خالية من الأمل أو اعتبارها مليئة باليأس؛ بل إن ما يهمه هو السرد، أن يخبرنا عن قصته أو قصة شعبه من خلال فنه. ومن الأمثلة الرمزية على هذا هو ما نراه في عمله “حياة في صندوق” والذي يمكن استعراضه من خلال المقابلة التي أجراها موقع الحوش ليخبرنا بالقصة القابعة وراء عمله هذا.

The Artist الفنان

 

Tyseer Barakat creates his images using burned materials that suggest the damage and cataclysm of Al Nakba (The Expulsion). Barakat lives in Ramallah, West Bank where he runs the Ziriab, an art space that doubles as a salon for the artists and intellectuals of the West Bank.

Tyseer Barakat: born 1959 in Jabalya refugee camp, Gaza.

Education. Studied fine arts at the Alexandria University.

Lives in Ramallah, West Bank, Palestine.

  He has held solo exhibitions in Jerusalem, Ramallah, Amman, Sao Paulo and Falakcht. His group exhibitions include the Palestinian group show held at the Museum of Modern Art, Stockholm (1993), Palestinian Spring, Institut du Monde Arabe, Paris (1997), Made in Palestine, Station Museum of Contemporary Art, Houston, Texas (2003), and Three Stories, Umm Al-Fahem Gallery, Umm Al-Fahem (2008). Barakat describes his work as ‘a mosaic of images,’ which explores the recent uprisings, Palestine’s history and his personal struggle with living under the occupation. He states: ‘The chanting of the uprisings across Arab streets has recovered my shattered soul from the alleys of exile and my deep desire to return home.’

This slideshow requires JavaScript.

في هذه الليلة العاصفة من ليالي رام الله وتحديدا في هذا الزمهرير شدني حنين ورائحة لا تقاوم فوددت أن أطير إلى مرسمي لأوشح بالنار ذكريات حفرت عميقا في ذاكرتي.

أعرف عن نفسي وعن ذاكرتي التي تتحفز حد الجنون في المناخ المتطرف وأعرف استحضارها للأمكنة والأزمنة والأحداث عن طريق الروائح.

هذا الزمهرير الجميل أعادني إلى مقارنته بكل أنواع البرد، فبدأت رحلتي بصقيع جباليا في الصباح وتحديدا ذهابي الباكر إلى مدرستي “مدرسة أبو حسين” وتلصصي في الدخول إلى غرفة الناظر، كنت اقف خلف جذع شجرة كينيا ضخمة منتظرا فتح غرفة ناظر المدرسة بشغف لا يقاوم ومنتظرا أكثر انصراف الآذن لشؤون المدرسة الأخرى فأدخل متلصصا أهيم عشقا في تلك اللوحات المعلقة في الغرفة إلا أن جاء حظي السيئ فضبط متلبسا في صباح أتى فيه الناظر أبكر من المعتاد ونلت ما يحلو  من عقاب على أصابع طفل متجمد من البرد.

وانتهت رحلتي بصقيع الإسكندرية، وعرجت على برد الصحراء الدافئ، أعرف أنني بالشكل اقدر على نقل أدق التفاصيل من هذه الاحساسات واعرف بأنني أستخدم أقل الوسائل للوصول إليكم ولكن هذا الطقس فرض لغته الخاصة. فلا أستطيع أن أشتم رائحة الخشب وأنا ألسعه بناري كي ينطق، سأستعيد بحميمية هذا الطقس ودفئ الذاكرة لأتتبع خطواتي الأولى في الإسكندرية. إلى الأنغوش وكليوباترا إلى كوم الدكة وسيدي جابر وإلى الإبراهيمية وذاك القمر المختفي في ليل الإسكندرية البارد إلى طفولتي الفنية والتي رسمت ورسمت أول الفن وأول الكلام.

لم يحفر عميقا في ذاكرتي الخمس سنوات الأكاديمية التي درستها هناك ولم تجعل مني تلك السنوات فنانا ولكنها لحظات وذكريات وطقس ورائحة اختلطت بطفولة جباليا وخلفت مزيجا أجيد التعبير عنه بالرسم أكثر بكثير من هذه الكلمات، ولكن الطقس يحول بيني وبين مرسمي.

تعصف بي الذكرى وتأخذني في هذا الزمهرير إلى متحف محمود سعيد وأستذكر القصر ببهوه وأعمدته التي استطالت في لا شعوري أكثر من واقعيتها التي لا تزيد عن الثلاثة أمتار واصبح البناء أكثر فخامة في ذاكرتي، كنت أقيس الأشياء كما أعرف، مخيم جباليا والذي لا يزيد ارتفاع أعلى شباك فيه عن الأرض بالمتر ونصف، ناهيك بأني اعرف أغلبية شبابيكه التي تتساوى مع الأرض وأعرف إعدادا أكثر من الشبابيك والتي يكون منسوبها 5 أمتار تحت سطح البحر.

أخذني هذا الفنان المرهف وصفعني بالوجوه النضرة وتصويره الدقيق للحفلات الأرستقراطية ولحقبة من تاريخ مصر عاصرت الفترة الباشوية واللحظات الأخيرة من زوال حقبة من الحكم التركي لمصر. كان الفنان محمود سعيد أمينا في حزنه على زوال هذه الفترة وكان تعبيره أمينا في توثيقها.

ويأخذني هذا الزمهرير دون أن ادري إلى شخوص عبد المنعم مطاوع هذا الفنان الذي مات فقيرا في كفر الشيخ والذي أسس في بواكير أعماله إلى مدرسة فنية، استفاد منها الكثير من زملائه وخطوا لهم رؤى تشكيلية استندت  كل منها على إحدى مفردات وعناصر هذا الفنان الموهوب والذي لم يملك ثمن الألوان وقماش الرسم، كان يذهب إلى أصدقائه يرسم في بيوتهم ويترك لهم أعماله، وصل هذا الفنان حد الهوس الفني في سبر أغوار القرية والشخصية المصرية والتي تمتد آلاف السنين صور فيها الحزن والصبر والثبات وحب الأرض.

كانت ألوانه وخطوطه تفيض عبقرية وتنتشر كملح الأرض بين زملاءه الذين تقاسموه ومات فقيرا في كفر الشيخ.

إلى فنان الإسكندرية الشهيد سعيد العدوي والذي رسم بألوان الحياة الأولى الأبيض والأسود. وغاص عميقا في شخصية مصر وتحديدا الحياة الشعبية.

واستحضر بصريا بذور ارض مصر بشعبها الصابر والمهمش قسرا ليخلق أبطالا أسطوريين ينسجون تفاصيل الحياة ويبنون مجد مصر عبر أشخاص مجهولين يذكروننا بعظمة الأهرام وبشخصية مصر الصابرة الحكيمة وبجيش من الشخوص المجهولين البسطاء الذين ينسجون فضاء اللوحة بالأبيض والأسود ليقولوا ببساطة مصر هنا.

تلح علي هذه الحادثة رغم محاولاتي اللاشعورية في تجاهلها ولكن هذا الزمهرير ملحاح في أمانته. كنت كل صباح في إحدى سنوات دراستي معتاد وبشوق في الذهاب إلى أعرق أحياء الإسكندرية الحي الذي انجب واحدا من أهم عباقرة الموسيقى العربية “سيد درويش” حي كوم الدكة، هذا الحي الشعبي والذي يتوسط الإسكندرية الحديثة.

كنت أصحو صباحا وأجد نفسي أرتجف استعجالا وبردا لأقوم بطقسي اليومي الرسم في حي كوم الدكة. وفي إحدى المرات نازعتني نفسي للخوض في غمار تعاطي الشيشة “المعسل” فجلست في واحدة من مقاهي الحي الشعبية والتي اعتدت على شرب الشاي وتناول وجبة إفطار عظيمة فيها وكانت دائما وأبدا الفول والطعمية.

بحلق الجارسون مندهشا ذات صباح عندما باغته بطلب واحد شيشة، فطريقتي في الطلب كانت احترافية ومن لهم باع طويل وخبرات لا يشق لها غبار في فن تعاطى الشيشة، فأحضرها الجارسون على عجل ونظرات الاندهاش منه لم تفارقني، إتكئت على الكرسي وإتخذت وضع الفاتحين ورميت الجارسون بنظرة استعلاء ، وبدأت حواري الأول مع الشيشة فسحبت النفس الأول والثاني وبدأت الشيشة تنفذ من فمي رياح الخامسين وإذ بها أكوام من الأتربة تتدفق إلى فمي، فصحت محتجا على سوء اختيار الجارسون لواحدة من الأراجيل الغير نظيفة، وتلفظت بكلمات نابية عن الصبي الذي يقوم بتحضير الأراجيل ونعته بصفة الجاهل وكل ذلك بلهجة المخضرم والخبير في شؤون المعسل والجهبذ الذي لا يشق له غبار في هذه الصناعة وبينما كنت ازبد وأرغي وهدأت العاصفة وجدت الجارسون واقف أمامي يحبس ضحكاته المكتومة محاولا تهدئتي بنظراته وعدم لفت انتباه الجالسين حولي أشار إلي بطرف إصبعه. فوجدت طرفا من البربيش في فمي أما الطرف الآخر فكان ملقى على قارعة الطريق يتسول ما لذ وطاب من الأتربة الشارع،  هذا جزء صغيرا مما أثاره ثلج رام الله أدفئ  به  نفسي واحبس أجزاء مرغما لأتنفس به غدا وحيدا في مرسمي باللغة التي أجيد وبأدواتي البسيطة والتي انفث فيها جزءا من روحي الساكنة بسكون هذا الليل وبهدير العاصفة والتي تطرق أبواب رام الله الآن. ربما نلتقي عبر هذه الصفحات في مناخ آخر أو رائحة أخرى شرط أن يكون هناك مانعا بيني وبين مرسمي وما أكثرها ولم يكن هذه المرة الاحتلال هو السبب

 

 

تيسير بركات   

     

Leave a comment

Leave a comment

Blog at WordPress.com.